تعلم لغة جديدة شبيه بتعلم العزف على آلة موسيقية؛فكل كلمة أو جملة يتعلمها المرء كأنما يعزف على أوتار آلة القيثارة أو البيانو.وتزداد اللذة والمتعة مع التقدم في التعلم،فما هي إستراتيجة تعلم لغة جديدة أو بالأحرى إستراتيجيات التعلم كون هذا الأخير لا يحصل بعامل واحد ووحيد،وإنما بتضافر عديد العوامل.

فكيف يمكننا تعلم لغة جديدة وننمي قوة ثقافتنا؟هذا ما سنتعرف عليه.

الرغبة والإرادة:


ثمة حكمة قديمة تقول بأن كل ما يؤمن به العقل فإنه قابل للتحقق،وهذا القول تدعمه العلوم الحالية،بخاصة علوم الإنسان كعلم النفس؛فالإنسان يملك طاقة هائلة بداخله إذا ما قام باستثمارها على نحو إيجابي فسيصنع أمورا عظيمة،وبالتالي حينما يقرر المرء البدء بتعلم لغة جديدة ورغب في سبر أغوارها والتحكم في أتونها واستحضر كل إرادته وكل رغبته،فيصل إلى نتائج مبهرة.

السماع:


كما الطفل الصغير حينما يبدأ باستكشاف العالم،فإن أول وسيلة يتعلم بها لغة محيطه هو حاسة السمع،فكذلك الأشخاص الذين يودون تعلم لغة جديدة فإن أفضل وسيلة للتعلم هي السمع،وذلك عبر عدة طرق كالاستماع إلى أشخاص يتقنون اللغة المراد تعلمها،أو عبر قنوات تلفزيونية أو فيديوهات إلخ..

التحدث:


بعد الاستماع إلى لغة جديدة يبدأ العقل بفرز العديد من الأصوات/الفونيمات،ويصنفها كنوع من الأصوات الدخيلة عليه وبالتالي يتذكرها ويبحث جاهدا عن معناها،لينفتح على مستوى آخر وهو محاولة نطق تلك الأصوات على شكل كلمات،وهنا يحدث التعلم عن طريق التحدث،أكيد أنه في بادئ الأمر سيتلعثم الشخص في نطق الكلمات والجمل ولكن مع الممارسة وتدريب اللسان والفم على مخارج الحروف واللكنة الصحيحة سيتكيف المرء مع هذا المتغير لينطلق إلى مستوى آخر مهم في صيرورة التعلم وهو الكتابة.

الكتابة:


أعرف العديد من الناس يتقنون لغات معينة،لكن بشكل غرائبي،وهو أنهم يتحدثون بها فقط دون أي معرفة عن تاريخها ولا آدابها ولا ثقافتها،ولا يعرفون البتة حتى الكتابة بها،كأنهم حفظوا فقط كلماتها ورموزها،عن ظهر قلب وأصبحوا يتحدثون بها بشكل آلي؛في حين أن الأمر السليم والصحيح-بالنسبة لي-هو أن نتقن اللغة بشكل كلي،بمعنى أن نتعلم الكتابة بها وأن نتقن قواعدها لكي نحيط بكل مكوناتها.
إذن فهذه الثلاثية الجدلية؛السمع والتحدث والكتابة هي ثلاثية لا محيد عنها لكي يتقن الشخص لغة جديدة،بشكل احترافي كل وحسب غاياته وأهدافه المتوخاة من تعلمها.

الهدف والغاية من تعلم لغة جديدة:


هذه الاستراتيجية لا تبتعد كثيرا عن الاستراتيجية الأولى وهي الرغبة والارادة،فوضع الشخص لهدف  أمام عينيه يتوخى تحقيقه من تعلم لغة جديدة،يجعله ينخرط بكل ثقله ويستثمر كل جهوده في سبيل تعلمها واتقانها.فهناك مثلا من يريد تعلم اللغة الانجليزية والصينية لانهما لغتا العصر ولغتا الاقتصاد والتكنولوجيا والعلم، وتوفران فرص عمل مذهلة،وهناك من يريد تعلم اللغة الفرنسية لأنها لغة ثقافة وأدب،وهناك من يريد تعلم لغات أخرى تقل شهرة بهدف دراسة ثقافة مجتمعات معينة إلخ.
أخيرا تبقى اللغة مجرد وسيلة للتواصل،اتفق البشر على رموزها وكلماتها من أجل تحقيق السمة التي يتميز بها الإنسان عن عالم الحيوان،ولا ينبغي أن نكون متعصبين للغة بعينها،ولا يجب أن ننظر إلى أشخاص يتقنون لغات كثيرة بأنهم أعلى درجات من الغير؛فثمة العديد يتقنون لغات لكنهم يجهلون أمورا مهمة جدا.



Aucun commentaire